سؤال : هل جسد الرب الإله يسوع المسيح نزل به من السماء أم أخذه من القديسة مريم العذراء ؟
الجواب : بقلم الأخ / رشاد ولسن
في الحقيقة جسد الرب الإله يسوع المسيح نزل به من السماء لما يأتي: -
مكتوب« الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هَكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضاً وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضاً. »(١ كورنثوس ١٥ : ٤٧ ، ٤٨) فالرب الإلَه يسوع لو اتخذ جسده و روحه و نفسه الإنسانيَّة من السيدة العذراء كما يقولون لأصبح جسده ترابي لأن السيدة القديسة العذراء من نسل آدم الترابي فهي ترابيَّة مثل جميع البشر الترابيين أيضًا فهل الرب الإلَه يسوع له كل المجد فيه جزء سماوي هو الكلمة الأزلي متحدا بجسد ترابي حادث أخذه من القديسة العذراء مريم و كذلك روح و نفس بشريتين حادثتين أخذهما من القديسة العذراء مريم كما يقول البعض؟!!! فهل هو جلَّ شأنه متكون من جزء سماوي متحد بجزء ترابي؟!!!!!!!
لكن تلك الأقوال يكذبها الكتاب المقدس و يذكر عكس ذلك فقد قال يوحنَّا المعمدان عن الرب الإلَه يسوع« اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ »(يوحنَّا ٣ : ٣١ ) و قال الرب الإلَه رب المجد يسوع عن جسده« أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ »(يوحنَّا ٦ : ٥١ ) وقال بوضوح شديد « لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ »(يوحنَّا ٦ : ٣٨ ) و هذا يوضح أن الرب الإلَه يسوع بنفسه و روحه و جسمه سماوي و ليس أرضي ترابي ملوث بلعنة الخطيَّة إذ أكَّد ذلك بقوله الواضح الصريح أنَّه بروحه و نفسه و جسده كابن الإنسان كان له وجود أزلي في السماء قائلاً « فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِداً إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! »( يوحنَّا ٦ : ٦٢ ) «فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً »(كولوسى ٢ : ٩ ) لذلك قال الرب لليهود بوضوح « أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ »( يوحنَّا ٨ : ٢٣ ) فلو كان الرب الإله يسوع قد أخذ جسده ونفسه و روحه من القديسة مريم العذراء لكان قال لليهود بصريح العبارة أنتم من أسفل أما أنا فنصفي من فوق ونصفي من أسفل و أنتم من هذا العالم أما أنا فنصفي من السماء ونصفي الآخر من هذا العالم !!!!!! لكن« قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ »( يوحنَّا ٨ : ٥٨ ) فالرب الإلَه يسوع منذ الأزل هو« الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ »( رومية ٩ : ٥ ) اَلَّذِي« هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ »( كولوسى ١ : ١٧ ) فليس هناك منطق كتابي يؤكِّد أن يسوع سماوي و أرضي ترابي في نفس الوقت لأن الكتاب يقول« الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هَكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضاً وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضاً »(١ كورنثوس ١٥ : ٤٧ ، ٤٨) و ذلك يؤكِّد أن الرب الإلَه يسوع سماوي روحًا و نفسًا و جسدًا متحد بلاهوت واحد مع الرب الإله الآب و الرب الإله الروح القدس و لكن يسوع المسيح هو الرب الإلَه الذي نزل من السماء جنينا في جسد السيدة العذراء ليشابه الناس في نموهم و طريقة حياتهم حسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء وذلك لكي يتمم فداءً قانونيًّا لجميع المخلوقات.
و أذكر للتوكيد كما سبق أن ذكرت أن الرب الإلَه يسوع له الروح و النفس و الجسد منذ الأزل و روحه و نفسه مرتبطة ارتباطًا أزليًّا بلاهوت واحد ذو قدرة سرمديَّة مع الرَّب الإله الرَّوح القدس و الرَّب الإله الآب وهذا اللاهوت الواحد يحل بكل ملئه في الأجسام الأزليَّة للرَّب الإله الآب و الرَّب الإله الرُّوح القدس و الرَّب الإلًه يسوع كما هو مكتوب« فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ »( ١يوحنَّا ٥ : ٧ ) فالرب الإله الآب والرب الإله يسوع و الرب الإله الروح القدس هم ثلاثة متميزون ولكن لاهوتهم واحد و عمليَّة مجيء ربنَّا يسوع إلى الأرض كالكاهن العظيم الذي يفدي جميع المخلوقات و يرثي لضعفات شعبه مقررة منذ الأزل و إلى الأبد بموافقة كاملة من الرَّب الإلَه يسوع و الرَّب الإلَه الرُّوح القدس و الرَّب الإلَه الآب فمكتوب «قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ الرَّبُّ عَنْ يَمِينِكَ يُحَطِّمُ فِي يَوْمِ رِجْزِهِ مُلُوكاً. »( مزامير ١١٠ : ١ ، ٤ ، ٥ ) وهنا يتحدث الرب الإله الآب إلى الرب الإله يسوع ليجلس عن يمينه حتى يضع أعدائه موطئًا لقدميه ثم يقول الرب الإلَه الآب للرب الإلَه يسوع أن الرب الإلَه الرُّوح القدس الذي عن يمين الرب الإله يسوع أقسم أن الرب الإلَه يسوع كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق لأن الرب الإلَه يسوع تطوَّع منذ الأزل ليقوم بعمل الفداء لذلك جاء الرب الإله يسوع كرئيس كهنة أبدي أزلي لكي يتمم الفداء لجميع المخلوقات في شبه جسد الخطيَّة و لكن بلا خطيَّة مشابها من سيدعوهم إخوة فمكتوب « مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلَّهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ. »( عبرانيين ٢ : ١٧ ، ١٨ ) لذلك جاء الرب الإله يسوع ليشبه الناس في أطوار حياتهم جاعلاً جسمه الأزلي يتجسَّد أي يأخذ صورة الجنين« بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ»( فيلبي ٣ : ٢١ ) ثم يدخل باطن العذراء جنينًا الهيًّا كاملا بدون أن يأخذ جسده أو نفسه أو روحه من القديسة العذراء مريم التي مهما كانت قداستها لكنها ترابية مثل سائر القديسين وإن تميزت مريم عن الجميع بملامستها العميقة للجسد الإلهي فتفوقت على الجميع وفاقت الملائكة أيضًا ولكن الرب الإله يسوع لشدة محبته لمخلوقاته ارتضى أن ينزل إلى الأرض آخذًا صورة عبيده في طريقة نموهم ويعيش مثلما يعيشون مع بقائه في كمال لاهوته روحًا و نفسًا و جسدًا أمَّا نسبه ليوسف و مريم فهو نسب قانوني شرعي وليس نسب طبيعي جسدي فهو مولود من عذراء منسوبة لداود حسب الجسد و كانت مريم زوجة ليوسف المنسوب لداود حسب الجسد لذلك حسب شرعًا لإبراهيم و داود و لليهود لأنه ولد من عذراء منسوبه لليهود حسب جسدها الذي ولد منه الرب الإلَه يسوع ولكنه في الحقيقة هو الرب الإله الأزلي الكامل في لاهوته الجسدي الروحي و النفسي فهي شرعًا والدة الإلَه الحاضنة له في جسدها المنسوب لليهود الإسرائليين ولكنه في الحقيقة هو الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد كما هو مكتوب« الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالِاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. »(رومية ٩ : ٤ ، ٥ ) و الجسد هنا هو جسد القديسة العذراء مريم فالرب الإلَه يسوع مع كونه رب داود و خالقه ارتضى أن يولد من عذراء من ذريَّة داود و ينسب شرعًا ليوسف الذي من ذريَّة داود وارتضى الرب الإلَه يسوع ذلك بحب شديد ليتمم الفداء لجميع المخلوقات و ها هو يقول « أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ »( رؤيا ٢٢ : ١٦ ) فيسوع جل شأنه هو أصل وجود داود و نسب إلى عذراء ورجل من أولاد داود وهو خالق ابراهيم وموجود من الأزل قبل وجود ابراهيم إذ قال لليهود « الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ »( يوحنَّا ٨ : ٥٨ ) فالرب الإله يسوع هو الخالق الأزلي للجميع ويحمل الجميع بكلمة قدرته « فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ »( كولوسى ١ : ١٦ ، ١٧ ) فقد جاء الرب الإله يسوع بجسمه و روحه و نفسه من السماء جنينا ليولد من رحم عذراء مطهرة دون أن يرث منها أي شيء بل ليجعل جسده ينمو ويولد مثل جميع مخلوقاته ليتمم الفداء على سبيل المثال للعذراء المطهرة و آدم و حوَّاء الخاطئان و نوح السكير و ابراهيم الكاذب و اسحاق الكاذب و يعقوب المخادع و عيسو المستبيح و ثامار و يهوذا الزانيان و يوسف الطاهر و راحاب الزانية و راعوث الموآبيَّة و داود الزاني القاتل و سليمان القاتل كثير النساء المبخر للأوثان ففدائه يشمل جميع المخلوقات كما يشملني أنا و أنتَ و أنتِ و يشمل جميع الأجناس و الألوان فاتحًا يديِّ جسده الإلَهي الأزلي السماوي قائلاً « تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ »( متَّى ١١ : ٢٨ ) وليعلم الجميع أن الرب الإلَه يسوع الأزلي ليس فيه جزء إلهي أزلي وجزء إنساني حادث فهو ليس إله و إنسان ولكنه إله جسدًا و نفسًا و روحًا جاء إلى الأرض ليعيش معيشة الإنسان ليفدي جميع الخليقة و يخلص كل من يؤمن به فهو ابن الإنسان شرعًا لأنَّه ولد من عذراء و لكنه في الحقيقة الأزليَّة الكائن على الكل ربًا و إلهًا مباركًا لأن له الملك و القوَّة و المجد إلى الأبد آمين.