الدهماء بقلم الكاتب / رشاد ولسن

Admin عدد المساهمات : 267 تاريخ التسجيل : 11/03/2012

الدهماء

بقلم الكاتب / رشاد ولسن

في ٣٠ يناير عام ١٩٩٢

الدهماء ناس كثيرون ، تراهم حولك يحومون، يضجون و يضحكون لا يفهمون، و لا يدرون و مع ذلك تراهم يعربدون، هم دهماء بلا أدب في خواء، بلا علم و لا فهم في غباء، يشبعون الشوارع ضجيجا، بيوتهم مملوءة قذارة و عجيجا، لا يقبلون نصيحة من فاهم، و لا يتعلمون تعليما من عالم، فهم في ضجيجهم يعمهون، و بقذارتهم قانعون و مقتنعون، يتوهمون و يزعمون أنهم عقلاء، و أن غيرهم من ذوي الكبرياء.

قد يكون الدهماء معك في القارب، و قد يصلون لأرقى المناصب، أو يجلسون في أعلى المكاتب، و نفسيتهم نفسية الدهماء، بلا قلب و لا حس و لا حياء، ينشرون الفساد، و يحطمون ما قبلهم من أمجاد، و يعودون للوراء بالبلاد، و ينشرون فكر الجهل في العباد، فيرجعون الشعوب للوراء، في خبث و جهل و ازدراء.

آه من الدهماء يطفئون النور و يفسدون الهواء، و يتعبون المتحضرين الأوفياء الأبرياء، لا يعرفون الذوق و يخدشون الحياء، فالدهماء أجلاف متخلفين أشقياء، الفاظهم سوقية، و لغتهم همجية، و مشورتهم بهيمية، يكرهون الحضارة المدنية، و تصيبهم بالجنون كلمة العالمية، تراهم بوجوه صفيقة مخيفة ردية، بملابس من عصور بائدة قديمة رجعية.

الدهماء شر و ضر و وباء، ليس في عرفهم حب و لا ود و لا وفاء، فالحب عندهم ضعف، و الوفاء عندهم خوف، تري الدهماء في الطرقات، يزعقون بأعلى الأصوات، يغمرون الدنيا بالموبقات، يحرقون المباني الشاهقات، يسممون حتى الحيوانات، و يقلعون أغنى الزراعات، و يتلفون نعمة الخيرات، يدمرون الاقتصاد، و يقتلون في العباد، و يفسدون حضارة الأجداد، و لا يبالون بالأمجاد.

الدهماء يحرقون و ينهبون بدون رفق، يبررون كل شر و ضلالة و فسق، قلبهم مليء بكل حسد و حنق، مؤمنين بأن نهبهم غنيمة و رزق، و اغتصابهم لغيرهم فضيلة و صدق، زاعمون أنهم على كل حق، و أي حق و بئس الحق، انه حق الغوغاء الهمج الدهماء، الذين بلا رفق و لا عهد و لا حياء، بل هو شر و سم و لعنة و وباء.